whatsapp image 2025 08 30 at 1.14.50 am

في حضرة الشهداء، لا يُعفى أحد

السويداء – آب ٢٠٢٥

في ٢٩ آب ٢٠٢٥، أُقيم حفل تأبين كبير في ساحة سمارة بمدينة السويداء لما يقارب ٢٠٠ رجل وامرأة فقدوا حياتهم في الأحداث الأخيرة بجبل العرب. كان المشهد مهيباً.. نهرٌ من البشر يمر أمام التوابيت، بين الحزن والصوت العالي للغضب. وفي قلب هذا المشهد جلس رجلٌ فقد كل ما كان له من مكانة، رجل كُتب في سيرته خط أسود في ذاكرة الناس بعدما ارتبط اسمه بمفاوضات سبقت المجازر.

جلس هناك، بلا حماية، لساعات. كل من يمر يتوقف أمامه، بعضهم يلعنه، آخرون يواجهونه بكلمات قاسية، ثم يكملون طريقهم. لم يغادر. لم يدافع عن نفسه. ظلّ ثابتاً، صامتاً، وكأنه صار جزءاً من طقس جماعي لا يملك الانسحاب منه.

وجوده لم يكن خياراً فردياً، ولا محاولة لاستفزاز المجتمع. كان انعكاساً لقانون غير مكتوب، لضرورةٍ أملاها الحكماء: في حضرة الشهداء، لا يُعفى أحد. حتى من سقط في نظر الناس، عليه أن يحضر. لأن العزاء ليس فقط للضحايا، بل هو أيضاً مساحة للحقيقة، للحساب، ولإعادة ترتيب الصفوف.

في تلك الساعات، اندمج الغضب بالحزن، وبقيت الوحدة حاضرة رغم الانقسام. لم يكن التضامن صمتاً ولا مصالحة، بل إصرارٌ جماعي على أن المجتمع، بكل جراحه وتناقضاته، يواجه مصيره سوياً.